تربط الولايات المتحدة الأمريكية وتونس علاقات دبلوماسية وثيقة تعود إلى أكثر من 200 سنة: ففي عام 1799 وقعت الولايات المتحدة أول اتفاق صداقة وتجارة لها مع تونس، مكن من بعث أول قنصلية أمريكية بتونس سنة 1800. وقد عمل البلدان منذ ذلك التاريخ على دعم أواصر التعاون بينهما.
تظل الولايات المتحدة ملتزمة بدعم المسار الديمقراطي بتونس، ذلك المسار الذي يدعم المجتمع المدني ويسمح بتمكين المرأة والشباب ويحفز الإصلاحات الاقتصادية ويرسخ مشاركة المواطنين في الحكم ويدعم الأمن.
وفي هذا الإطار، يعمل الرئيس أوباما هذه السنة بالتعاون مع الكنغرس على تقديم 100 مليون دولار على الأقل كدعم لتونس، مما سيرفع في قيمة الدعم الأمريكي الجملي ليبلغ ما يقارب 700 مليون دولار، وهو ما يعكس الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لدعم الديمقراطية بتونس بما هي حافز للازدهار والأمن لكل التونسيين.
وفي العشرين من ماي الجاري، وقع ممثلون عن الجانبين الأمريكي والتونسي مذكرة تفاهم تؤكد مجددا علاقات الصداقة المستدامة والقيم المشتركة التي تجمع بين تونس والولايات المتحدة وترسخ الاعتراف بالانتقال الديمقراطي التاريخي الذي شهدته تونس. وقد نصت الوثيقة على جملة من أنشطة التعاون بين البلدين، وفيما يلي أهم مجالات التعاون وبرامجه التي تترجم مدى ثراء علاقاتنا الثنائية وأهميتها:
توسيع نطاق النمو الإقتصادي الشامل:
- إن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بدعم جهود تونس الرامية إلى تحقيق نمو اقتصادي صلب ومستدام وشامل وذلك من خلال تحسين مناخ الأعمال وخلق فرص العمل ودفع التبادل التجاري بين البلدين. وتعمل الإدارة الأمريكية في هذا السياق مع الكنغرس على مضاعفة المساعدات الاقتصادية الموجهة لتونس بعنوان هذه السنة قصد تحفيز التنافسية وتوفير الرأسمال الأولي seed money والتمويل للشركات الصغرى والمتوسطة وتحسين الإطار القانوني للاستثمار من خلال إنجاز جملة من الإصلاحات الهامة.
- إن اتفقت كل من تونس والولايات المتحدة على الحاجة إلى تمويل إضافي لدعم التنمية والإصلاح، فإن الولايات المتحدة مستعدة للنظر في تقديم ضمانة قروض تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار موجهة لدعم برنامج الإصلاحات الجاري. هذا وقد سبق للولايات المتحدة أن قدمت ضمانات للقروض السيادية التونسية في مناسبتين مكنت الحكومة التونسية من اقتراض 485 مليون دولار سنة 2012 و500 مليون دولار سنة 2014، وساعدتها بالتالي على النفاذ إلى الأسواق المالية العالمية.
- ستتولى الولايات المتحدة وتونس بعث مجلس إقتصادي مشترك JEC متناغم مع الحوار الاستراتيجي قصد دعم أولويات الاصلاح الاقتصادي وتحفيز التعاون بين مكونات القطاع الخاص بكلا البلدين. وينتظر أن يتم إطلاق المجلس الاقتصادي المشترك خريف السنة الجارية.
- خلال الزيارة الاخيرة للرئيس قائد السبسي، ترأست وزيرة التجارة الأمريكية بريتسكر، من الجانب الأمريكي،مائدة مستديرة للاعمال شارك فيها ثلة من أهم أصحاب المؤسسات الأمريكية، تمحورت حول إبراز الأهمية التي تكتسيها الإصلاحات الاقتصادية والتجارية في التحفيز على الاستثمار والنشاط التجاري بتونس وكذلك تطوير الشراكة المتنامية بين البلدين في مجال الأعمال. كما ساهمت وزارة التجارة الأمريكية في تنظيمحلقة نقاش حول السياحة مكنت من التباحث بشأن الدروس المستخلصة خلال إعداد الاستراتيجية القومية الأمريكية في قطاع السياحة. ومن شأن هذا الاجتماع أن يشجع المحادثات بين المسؤولين الحكوميين والخواص بكلا البلدين حول سبل دعم القطاع السياحي بتونس وتطويره.
- تعمل كل من الولايات المتحدة وتونس من خلال الاتفاقية الإطارية للتجارة والاستثمار على: دفع الاستثمار والتجارة الثنائية، تيسير الشراكة بين المؤسسات الأمريكية والتونسية، تحسين شفافية الإطار القانوني، دعم نفاذ القانون وحماية الملكية الفكرية، تشخيص فرص تنمية القدرات، حل إشكاليات تجارية معينة. وينتظر أن يلتئم المجلس المقبل المتعلق بالاتفاقية الإطارية للتجارة والاستثمار قبل موفى السنة الحالية.
- يعمل مكتب المساعدة الفنية بوزارة الخزينة الأمريكية على التعاون مجددا مع البنك المركزي التونسي قصد دعم قدرته على مراقبة استقرار المنظومة المالية التونسية وإيجاد السبل الكفيلة بتوفير الاستشارات الضرورية للحكومة التونسية خلال توليها إنجاز الاصلاحات الاقتصادية الهامة.
- تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية توسيع برامج التعاون الفني متعددة السنوات والتي هي حاليا قيد الانجاز لتشمل أيضا إنجاز الاصلاحات الجبائية والديوانية وغيرها من الاصلاحات الاقتصادية والتجارية التي تتخذها الحكومة التونسية.
- ستعمل الولايات المتحدة كذلك من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على تنسيق جهودها مع الحكومة التونسية قصد بلورة مقاربة وإطار مشتركين لبرامج التنمية عبر إعداد ما يسمى “استراتيجية انتقالية للتعاون من أجل التنمية” خاصة بتونسcountry development cooperation strategy .
- توفر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال مشروعها “الإصلاح في مجال الأعمال والمنافسة”Business Reform and Competitiveness Project مساعدة فنية لفائدة شركات تونسية قصد تحسين نفاذها إلى رؤوس أموال وتطوير فرص النفاذ إلى أسواق جديدة وتنمية جمعيات الأعمال. كما يوفر المشروع أيضا بالاشتراك مع برامج أمريكية أخرى، تربصات لفائدة الشبان التونسيين تطور قدرتهم التشغيلية إلى جانب تنمية قدرة المؤسسات الداعمة للقطاع الخاص التونسي وتحفيز الإصلاحات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والإتصال بما يخدم تطوير النمو الإقتصادي.
- يواصل الصندوق التونسي-الأمريكي للمؤسسة، بفضل تمويل أمريكي يقدر ب60 مليون دولار، دعمه للقطاع الخاص التونسي من خلال الاستثمار في المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي من شأنها المساهمة في التشغيل وفي تطوير نمو اقتصادي شامل.
- وفر “المؤتمر الأمريكي-المغاربي للاستثمار وريادة الأعمال” الذي التأم في مارس 2015 فضاء للتواصل والتباحث بين أصحاب الاعمال الأمريكيين والتونسيين بشأن فرص الاعمال المشتركة. وقد تم تنظيم هذه التظاهرة التي حضرتها الوزيرة الأمريكية للتجارة بيني برتسكر إلى جانب عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين، في إطار “شركاء من أجل انطلاقة جديدة-الشراكة من أجل الفرص الاقتصادية في شمال أفريقيا” ، وقد أبرزت أهمية الإصلاح الاقتصادي والتجاري والتزام القطاع الخاص بمتطلبات التنمية الاقتصادية في تونس.
دعم الديمقراطية والمجتمع المدني وبناء التوافق:
- تدعم الولايات المتحدة بقوة جهود الحكومة التونسية الرامية إلى تطوير الحوكمة الشاملة والأمن والازدهار وحقوق الانسان لفائدة كل التونسيين إلى جانب تطوير علاقاتها مع الشركاء بالمنطقة.
- قدمت الولايات المتحدة منذ الثورة سنة 2011 مبلغا جمليا يتجاوز 80 مليون دولار في إطار مبادرات تنهض بالحوكمة الرشيدة والشفافية الجبائية إلى جانب بناء القدرة التنظيمية لمؤسسات المجتمع المدني وتطوير مشاركة الشباب في الحياة المدنية وقيادة الشأن السياسي.
- لقد دعمت الولايات المتحدة للانتخابات التونسية ومنه نحو 15 مليون دولارا سنة 2014. وقد شمل هذا التمويل المنظمات غير الحكومية الأمريكية والتونسية خلال كل من الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014 إلى جانب تمويل عدة بعثات دولية لمراقبة الانتخابات.
- تعتزم وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية من خلال“مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية” توفير تمويل إضافي بعنوان هذه السنة يقدر بنحو 10 ملايين دولار على الأقل وذلك لدعم الانتقال الديمقراطي وتطوير قدرات مكونات المجتمع المدني التونسي المتنامية. وقد ساعدت هذه المبادرة التونسيين منذ 2011 على زيادة دورهم في المسار السياسي وتوسيع نطاق افرص الاقتصادية خاصة بالنسبة للشباب والنساء.
- كما تساهم وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية من خلال المبادرة نفسها وبالتعاون مع “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” في إنجاز مشروع ساعد تونس على أن تكون ثاني دولة عربية تنضم إلى “الشراكة من أجل الحوكمة المفتوحة” وهي منظومة تساهم في تطوير الحوكمة والشفافية. وفي السياق ذاته، وبعنوان التعاون الفني، ساعدت الولايات المتحدة تونس على الانضمام إلى الشراكة المذكورة وذلك من خلال دعم تنفيذ التشريع التونسي لحرية الإعلام بعنوان سنة 2011. هذا وستواصل الإدارة الأمريكية دعمها لبرنامج العمل الطموح الذي تبنته تونس للحوكمة المفتوحة.
من أجل دعم التعاون في مجالي الثقافة والتربية:
- تعمل كل من الولايات المتحدة وتونس من أجل المحافظة على الموروث الثقافي التونسي الثري والترويج له إلى جانب توسيع مجالات التعاون الأخرى في الميادين التربوية والثقافية والتبادل المهني والشراكات.
- تعتزم مؤسسة سميثونيان إرساء مشروع تعاون مع وزارة الآثار (الثقافة) التونسية يتمثل في رقمنة مجموعة الآثار التي يحتويها متحف باردو إلى جانب تطوير فرص السياحة التونسية.
- تمكن 400 شاب تونسي من الدراسة في الجامعات و مؤسسات Community College الأمريكية لمدة سنة واحدة في إطار برنامج توماس جيفرسن للمنح. وتناغما مع الاهتمام الذي يوليه الرئيس قائد السبسي لتطوير فرص التعاون التربوي لفائدة الشباب التونسي، تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية الترفيع بصفة ملحوظة في عدد المنح المسندة في إطار البرنامج المذكور بعنوان السنة الحالية.
- أطلقت الولايات المتحدة في أوت 2014 برنامج منح فولبرايت تاك بلاس البالغة قيمته 5 ملايين دولار وذلك لتمكين أكثر من 40 تونسيا من الحصول على شهادة الماجستير الأمريكية في خمس مجالات (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الرياضيات، الأعمال) وتطوير قدرات الخريجين وشبكاتهم المهنية.
- كما رصدتت الولايات المتحدة 1 مليون دولار لإقامة ثلاثبرامج جديدة للتعاون الجامعي تربط مؤسسات جامعية تونسية وأمريكية في مجالات الابتكار التكنولوجي وتطوير الأعمال. وسيمكن البرنامج المذكور من توفير فرص عمل لفائدة خريجين جامعيين تونسيين ودفع النمو الاقتصادي والترويج التجاري للتكنولوجيا.
- وقعت وزارة التعليم العالي التونسية ووزارة الشؤون الخارجية الأمريكية في أوت 2014 اتفاقا للتعاون العلمي والتكنولوجي يهدف إلى دعم التعاون الثنائي في المجال العلمي والتكنولوجي والجامعي حيث يشكل الاتفاق إطارا قانونيا لتيسير التعاون في هذه المجالات ويوفر آلية لتطوير البحوث والتنمية ويمكن من تبادل المعطيات والنتائج العلمية وحماية حقوق الملكية الفكرية وبعث شراكة بين الوكالات الفنية الحكومية الأمريكية ونظيراتها على المستوى الدولي فضلا عن المؤسسات الجامعية ومراكز البحوث الأمريكية.
تطوير القدرات الأمنية:
- تمثل تونس شريكا هاما في إطار الجهود الإقليمية الرامية إلى مقاومة الإرهاب. وقد منحت الولايات المتحدة الأمريكية مبلغا جمليا يتجاوز 225 مليون دولار بعنوان المساعدة الأمنية لتونس منذ 2011 وذلك لدعم قدرات تونس لمجابهة التهديدات والارهاب على المستويين الداخلي والإقليمي.
- تعتزم الإدارة الأمريكية منح تونس صفة حليف أساسي غير عضو في حلف شمال الأطلسي اعترافا بالقيم التي نتقاسمها وبالمكاسب الديمقراطية التي حققتها تونس وبتنامي التعاون الثنائي في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب.
- تم توجيه مبلغ يتجاوز 100 مليون دولار بعنوان المساعدة الأمنية منذ سنة 2011 لتنمية قدرات وزارة الدفاع التونسية ولمجابهة الإرهاب. كما تولت الولايات المتحدة تنظيم دورات تكوينية لفائدة العسكريين التونسيين ومنحهم تجهيزات تمكن من تطوير جاهزيتهم في مجال الترصد والانتشار وحماية الحدود.
- تسعى الإدارة الأمريكية لتوفير تمويل إضافي يقدر ب30 مليون دولار بعنوان “التمويل العسكري الأجنبي”للسنة الحالية، بما يشكل ارتفاعا بنسبة 50 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية. وسيمكن هذا الدعم من تطوير قدرات تونس في مجال مكافحة الإرهاب وحماية الحدود والتعاون الأمني المشترك.
- تشمل المساعدة الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة لتونس منذ سنة 2011 برامج شراكة تفوق قيمتها الجملية 50 مليون دولار مع كل من وزارتي الداخلية والعدل تهدف إلى المساعدة على تطوير قدراتهما العملية فضلا عن تنظيم دورات تكوينية وتقديم تجهيزات من شأنها دعم شفافية قوات الأمن وتحسين جاهزيتها. وتهدف المشاريع المقبلة إلى تحديث مهام وزارة الداخلية الرئيسية وجعلها أكثر مهنية بما في ذلك تطوير التصرف في الموارد البشرية والمالية ومراقبتها، بما يمكنها من خدمة المواطنين التونسيين في إطار الشفافية والخضوع للمسائلة.
- تونس هي إحدى الدول المؤسسة لمبادرة حوكمة المنظومة الأمنية التي تم إعلانها سنة 2014 بمناسبة القمة الأمريكية-الإفريقية. وتهدف هذه المبادرة إلى تطوير قدرة مؤسسات الدول الشريكة في مجال مجابهة التحديات الأمنية ومواجهة المخاطر على نحو ناجع ومسؤول.
- تسعى الإدارة الأمريكية بالتعاون مع الكنغرس إلى الترفيع في الدعم المقدم لكل من وزارتي الداخلية والعدل التونسية ويشمل هذا تقديم 7 مليون دولار في إطار البرنامج الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون الذي يهدف إلى إصلاح المنظومة الأمنية والقضائية والسجون.
- كما ساهمت الولايات المتحدة في دعم جهود الحكومة التونسية الرامية لبعث قطب أمني مندمج متعدد الوزارات لمكافحة الإرهاب. كما تغطي برامج تعاون أخرى تنمية القدرات في مجالات حماية الحدود وإنفاذ القانون والاستعلامات وتبادل الخبرات الناجعة في مجال مكافحة الإرهاب لفائدة هياكل القضاء الجنائي.
- وبالتوازي مع المساعدة الأمريكية المذكورة، ساهمبرنامج المبيعات العسكرية الأجنبية في تيسير اقتناء تونس لـ 8 مروحيات من نوع بلاك هوك UH-60M والرامية إلى تطوير جاهزيتها في مجابهة التهديدات الإقليمية ودعم قدراتها الدفاعية إلى جانب دعم عمليات مكافحة الإرهاب.