البيان الرسمي في الاحتفال بيوم الذكرى 2020

يشرفني أن أشارك في الاحتفال بيوم الذكرى، أحد أجلّ الأعياد الرسمية في أمريكا. في مثل هذا اليوم من كل عام، يسكن صخب الحياة بالولايات المتحدة هنيهة لنتذكر جميع جنودنا الذين ضحوا بحياتهم دفاعًا عن حريتنا، ويكتسي موعده هذا العام أهمية معززة لتزامنه مع الذكرى الخامسة والسبعين ليوم النصر في أوروبا (VE)، الذي انتهت عنده الحرب العالمية الثانية. الوقوف هنا، في المقبرة الأمريكية بشمال إفريقيا، تذكير موجع بالعزيز من التكاليف التي بذلت ذودا عن مُثُل الحرية بأمريكا وبأوطان حلفائنا أيضًا.

ربما كان ما قاله الرئيس جون ف. كينيدي في خطاب تنصيبه عام 1961 من أفضل ما يفصح عن المشاعر الأمريكية في الدفاع عن الحرية: “فلتعلم كل أمّة، ودت لنا خيرا أم تأملت لنا سوءا، أننا سنبذل كل نفيس، ونتحمل كل عبء، ونواجه كل مشقة، وندعم كل صديق، ونصد كل عدو لنثبّت للحرية بقاءها ونجاحها”.[1]

نكرم اليوم هنا في مثواهم الأخير آلافا من الأمريكيين العاديين الذين أبدوا شجاعة وثباتا لافتَيْن في مواجهة تحديات بدت لا تقهر. لقد حاربوا في مناطق العمليات جميعها في أفريقيا والشرق الأوسط طوال فترة الحرب العالمية الثانية، ولكن غالب قتالهم كان في شمال إفريقيا، حيث سقط العديد منهم هنا في تونس. لهذا الموقع التاريخي وسط آثار قرطاج القديمة دلالة لأسباب عديدة، ليس أقلها معركة تونس. كانت هذه المعركة نقطة تحول في حملة شمال إفريقيا ومن ثم مآل الحرب بأكملها، مما مهد الطريق أمام الحلفاء لتحرير أوروبا.

وقد عبر الرئيس الحبيب بورقيبة حق التعبير عما يخالج صدورنا من امتنان وإجلال لا ينقطعان في رسالة وجهها بمناسبة تدشين المقبرة الأمريكية في شمال إفريقيا: “تقبلوا مني … عبارات تعاطفي العميق مع أهالي من ضحى بالنفيس من أجل الحرية و من أجل أن تعمّ الأخوة الكونية بين الشعوب وتصبغ العلاقات التي تربط بعضها ببعض. وفق الله تعالى جميع أصحاب النوايا الحسنة على المثابرة في مساعيهم من أجل هذه القضية النبيلة.[2]

لقد تكبدت الولايات المتحدة وتونس تكاليف جسيمة من أجل الحريات التي ننعم بها. الشراكة التي تجمع بين بلدينا شراكة متينة، وعلينا أن نبقى ملتزمين بمثلنا العليا وبنظامنا الديمقراطي وبصداقتنا التي تحميهما معا. ليس من مكان أعمق رمزية وأدل على شراكتنا من هذه المقبرة الأمريكية. في واحة السلام والهدوء هذه، نقف على أرض تونسية تحتضن وتحفظ إلى الأبد العديد من الأمريكيين الذين ضحوا بأعز ما يملكون من أجل السلام والحرية. لنحمي هذه الشراكة بما أوتينا من قوة.

رغم الجائحة العالمية السارية التي تعذر معها فتح هذه المقبرة للعموم، فإننا، ومن خلال موكب إحياء الذكرى المهيب هذا، نوفي بالتزامنا تكريم كل من ووري التراب في هذه المقبرة. إلى من سبقونا، إلى من ضحوا بأنفسهم من أجل قضية نبيلة، إلى من بذل حياته من أجل السلام – لا نزال نتذكركم.

_______________________________________

[1]  https://www.ourdocuments.gov/doc.php?flash=false&doc=91&page=transcript

[2]  الرسالة الأصلية معلقة في مركز الزوار بالمقبرة الأمريكية بشمال إفريقيا.